رغم صدمتها بسبب قتل شقيقها أحمد الذي سقط شهيداً مثل الكثير من المصريين الأبرياء، حرصت الفنانة لقاء سويدان على أن تظهر قوية صلبة أمام الناس، تجمع المعلومات والأدلة التي تدين قتلة شقيقها. تقدّمت ببلاغات ضد الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات جماعة الإخوان، وما زالت تسعى لكشفهم أمام الجميع.
في هذه السطور تحدثت في حوار إنساني عن أصعب اللحظات في حياتها، واكتشافها معدن من حولها، وتركت وراء ظهرها النجاحات التي حققتها في مسلسليها الأخيرين «خلف الله» و «القاصرات» لتتفرّغ تماماً لقضية شقيقها.
لماذا قررت الظهور بملابس بيضاء في عزاء شقيقك بما يخالف العادات المصرية في هذه المناسبات؟
أعرف جيداً العادات والتقاليد المصرية، وأفهم قصدك جيداً، لأن البعض توقع أن أرتدي الملابس السوداء، وهي المعروفة والمعتادة في حالة العزاء والحداد.
لكن شقيقي أحمد حالة مختلفة، لأنه شهيد عند الله، وأحتسبه من الذين يتقبلهم الله بين الشهداء، لهذا لم أتمكن من ارتداء الأسود عليه، وفضلت أن أرتدي ملابس بيضاء، وهذا كان قراري الخاص، لأنني وجدت رفضاً من داخلي وعدم قدرة على ارتداء الأسود على شقيقي الشهيد.
هل سترتدين الأسود بعد محاسبة من قتلوه؟
بالطبع لن أهدأ إلا بعد محاسبة من قتل شقيقي واستهدفه بهذا الشكل الوحشي، لكن لن أرتدي الأسود على شقيقي أبداً لأن الأسود لا يليق بالشهيد الطاهر الذي هو في مكانة أفضل عند الله إن شاء الله، لهذا سوف أختار اللون الأبيض دائماً عندما يقترن الكلام بشقيقي.
ما هي أخبار حالتك الصحية بعد نقلك إلى المستشفى؟
الحمد لله أصبحت بخير وحالتي تحسنت بشكل كبير. وفي الحقيقة، رغم تماسكي ومحافظتي على قوتي منذ وقوع الكارثة التي استشهد فيها شقيقي، لم أستطع أن أتمالك نفسي وسقطت عقب أخذي إلى العزاء، لأنني تعبت كثيراً وقتها، ونقلت إلى المستشفى.
لكن سرعان ما استعدت عافيتي، لأني أرفض الضعف أو التراجع عن أخذ حق شقيقي، وهذا يستوجب مني القوة والتماسك، وأدعو كل أهالي الشهداء للتماسك حتى نأخذ حقوقهم كاملة.
وما هي حالة والدتك؟
والدتي أقوى مني بكثير وأكثر تماسكاً، رغم كبر سنها، وأدعو الله دائماً أن يقويها، فهي مثال مشرّف، وتطالبنا طوال الوقت بالقوة حتى تأخذ حق ابنها.
لكن في أحيان كثيرة نتعب ونبكي من غير أن ننهار، ولن نسمح لأنفسنا بالضعف أمام هؤلاء الإرهابيين، بل لا بد أن نكون بحجم المسؤولية.
كيف يمر الوقت عليكم بعد رحيل شقيقك؟
بالطبع الحياة أصبحت صعبة والتجربة مؤلمة جداً. وبالمناسبة أحمد له توأم يعمل في الخليج، بمجرد حدوث الواقعة حضر إلى القاهرة مسرعاً وتقدم ببلاغ أيضاً يتهم فيه قيادات الإخوان بقتل توأمه.
وبالطبع حالته كانت صعبة، لأنه كان قريباً منه جداً، وعاشا معاً لحظات وأياماً وسنوات... رغم الألم كلنا نحاول أن ندعم بعضنا.
ما الذي تغيّر في داخلك بعد هذا الحادث؟
الكلام لا يسعفني لكي أصف مشاعري الحقيقية، فالمصيبة كبيرة، لأنني أعرف شقيقي جيداً، فهو كان أكثر طيبةً ومسالمةً مني، ولولا إيماني الشديد بالله لما استطعت تصديق أنه استشهد ولن أراه مرة أخرى... «إنا لله وإنا إليه راجعون».
كيف وجدت موقف زملائك في الوسط الفني؟
شعرت بذهول من حب الناس وزملائي في الوسط الفني من حولي، فوجدت بجواري فنانين لم ألتقهم طوال حياتي ولم أعرفهم على أي مستوى، وفوجئت بحب ودعم وشهامة لم أتوقعها أبداً.
مثلاً الفنان نبيل الحلفاوي الذي لم أتعامل معه من قبل حضر، وكذلك الفنانة أنوشكا التي حضرت العزاء وظلت بجواري لفترة طويلة، والمطرب الكبير محمد منير، والفنان خالد سليم، وآخرين لم أتوقع وقوفهم بجواري. وهناك نجوم كثيرون وللأسف لا تسعفني الذاكرة لذكرهم لكن أشكرهم جميعاً.
من النجوم الذين حرصوا على أن يكونوا بجوارك؟
كثيرون لن أستطيع رد جميلهم، مثل يسرا التي تطمئن عليَّ بشكل يومي، وكذلك إلهام شاهين التي أعتبرها صديقة مقربة، وفيفي عبده التي تحرص على الاتصال بي ومتابعتي ودعمي.
وهناك عدد من أصدقائي الذين توقّعت وقوفهم حولي لأنهم أصدقائي المقربون، من بينهم أمل رزق وروجينا ومروة عبد المنعم وأحمد الدمرداش وفيدرا، ولا أنسى موقف الفنان أشرف زكي الذي أعتبرة فناناً قديراً وصديقاً فاضلاً هو وزوجته المتميزة روجينا.
وكيف وجدت موقف طليقك الفنان حسين فهمي الذي حضر العزاء؟
بالطبع كانت لفتة جميلة من حسين فهمي، لأنه حرص على أن يقدم واجب العزاء رغم انفصالنا أخيراً، فالبعض توقّع عدم حضوره، لكن الموقف كان طيباً. وبصراحة علاقة شقيقي الشهيد بحسين فهمي كانت جيدة وقوية، وعلى العموم هو مشكور على موقفه.
ما رأيك في الفيلم الذي يحمله الفنان حسين فهمي عن الشهداء والإرهاب ليشرحه للعالم كله لكشف حقيقة الإخوان؟
الظروف التي أمرُّ بها حالياً لم تسمح لي بمتابعة كثير من الأمور، ولا أعرف شيئاً عن الفيلم الذي ينوي حسين فهمي أن يعرضه للعالم.
وأتمنى أن يساهم الجميع في كشف حقيقة الإرهاب في مصر، لنكشف للعالم أن ما حدث في 30 حزيران/يونيو كان ثورة وليس انقلاباً، لأنه للأسف هناك مؤامرة كبيرة تتعرض لها مصر وتحاول القضاء عليها.
لا بد أن نقف بقوة أمام الإرهاب، وشقيقي ليس أهم من الشهداء الذين سقطوا، سواء من الشعب أو الجيش أو الشرطة الشرفاء.
كيف تجدين ردة فعل من حولك على ما يحدث في مصر حالياً؟
الشعب المصري ذكي ووطني وعاشق لبلده وجيشه. لم يعد لدينا سوى الجيش لنستند إليه لنعيد القوة لمصر. ما زال هناك محرضون يحاولون تضليل الشعب، والغريب أنني وجدت أحد الأشخاص يتشفى بما حدث لي، ويشمت ويقول: «الحمد لله أن شقيق لقاء سويدان سقط بعد تفويضها للسيسي بقتل المصريين»، هل هذا يصدقه عقل؟ لماذا يقوم هؤلاء بهذه التصرفات الغريبة على المصريين؟ لصالح من تضلل الشعب وتتشفى بالأبرياء؟
من أيضاً شعرت بأنك تعرضت لصدمة فيهم؟
للأسف كثيرون، مثلاً أتساءل أين المحلل السياسي عمرو حمزاوي وبسمة؟ موقفهما غريب وغير متوقع. لماذا اختفت عن الساحة أسماء كثيرة سقطت الأقنعة عنها؟ أيضاً باسم يوسف اختفى وأشعر بأنه تخلى عن المصريين في هذه الظروف الصعبة. في أي حال، أنا لم أكن أحب مشاهدته.
ما هي الخطوات التي قمت بها حتى الآن بشأن قضية شقيقك؟
تقدمت ببلاغ للنيابة بالواقعة، وحُررت محاضر بالجريمة التي وقعت استعنت فيها بالأدلة التي تفضح القتلة والقناصة الذين استهدفوا شقيقي الأعزل وقتلوه دون ذنب ودون أي رد فعل منه، فهم قتلوه غدراً دون مقاومة من جانبه، لأنهم إرهابيون وكارهون للمصريين الوطنيين الشرفاء مثل شقيقي.
وأريد أن أضيف أن الكثيرين وقفو بجواري وهاتفي لم يتوقف عن تلقي الاتصال، ولا أعرف من أين كانوا يحصلون على رقم هاتفي.
أقسم بالله أني فوجئت بأشخاص من الصين والهند وأميركا، وكل البلاد العربية، والجميع أشعروني بأن المصيبة تؤلمهم أيضاً، وكلها مشاعر نبيلة جداً كانت داعمة لي ولأسرتي بشكل كبير.
هل هناك بلاغات أخرى في القضية؟
والدتي أيضاً تقدّمت ببلاغ، وشقيقي الآخر كما ذكرت آنفاً. ولن نهدأ إلا بعد القبض على من قاموا بالتحريض على قتله.
ما هي الأدلة التي استندت إليها في بلاغاتك؟
لقطات فيديو صوّرها شقيقي بنفسه، وكانت من أهم أسباب اغتياله واستشهاده بهذا الشكل.
لقد صوّر الشخص الذي استهدفه، وهو تسجيل مهم. هذا إلى جانب فيديوهات وتسجيلات لجيران في العمارة والشارع أثناء مرور هذه المسيرات. وتمت الاستعانة أيضاً باللقطات التي عرضها التلفزيون المصري، والتي أظهرت وجوه المسلحين ومن أقدموا على قتل الأبرياء.
هل صحيح أن بعض التسجيلات المهمة اختفت؟
هناك بعض التسجيلات المهمة التي ضاعت بعد حذفها المفاجئ من موقع اليوتيوب على يد الجماعه الإخوانية، خاصةً أنها تثبت إدانتهم، لكن الحمد لله هناك العديد من الأدلة التي تكشفهم جميعاً.
من هم الأشخاص الذين اتهمتِهم بقتل شقيقك؟
هناك أسماء بعينها حمّلتها مسؤولية قتل شقيقي، وعلى رأسها الرئيس المعزول محمد مرسي ومحمد البلتاجي وعصام العريان وعاصم عبد الماجد وصفوت حجازي والمرشد محمد بديع، وكل القيادات التي قامت بالتحريض بشكل مباشر على قتل المصريين، ومن بينهم شقيقي الذي فقدته دون أي ذنب. وأطالب جميع أهالي الشهداء بألا يتراجعوا عن تقديم بلاغات ضد قيادات الإخوان التي أمرت بقتل المصريين. علينا أن نهبّ لنأخذ حقوق أبنائنا الذين سقطوا برصاص الغدر وإرهاب الإخوان المسلمين الذين أساؤوا إلى الإسلام والمسلمين والمصريين جميعاً.
هل كانت هناك رسائل معينة لشقيقك قبل رحيله؟
شقيقي كان مسالماً جداً، عندما كان يتعرّض لموقف وأطالبه بأخذ حقه كان يرفض ويقول لي «ربنا سوف يأخذ الحقوق كلها».
شقيقي نزل في ثورة «25 يناير»، لكن عندما سيطر الإخوان على المشهد انسحب، ونزل في «30 يونيو» ليفوّض السيسي، وكتب آخر رسالة على الفيسبوك قبل وفاته بدقائق، عندما شاهد المسيرات المسلحة والقتل أمام عينيه: «أسوأ من في مصر قتلوا أطهر من في مصر».
وكيف وجدت خطوة مقاطعة المسلسلات التركية في مصر؟
خطوة مهمة، لأن مقاطعة أعمالهم الدرامية سوف تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد التركي، وهذا سيكون بمثابة رد قوي من الشعب المصري على تطاول رئيس الوزراء التركي وتدخله في الشؤون المصرية، وتحريضه على مصر، ورعايته للإرهاب.
لا بد من مقاطعة كل البلاد التي لم تدعم مصر وثورة شعبها ودعمت الإرهاب، مثل أميركا ورئيسها أوباما الذي يدعم جماعة الإخوان المسلمين.
أما أنا فلن أعتزل الكلام في السياسة حتى أحصل على حق شقيقي، لأنه كان يحب مصر ويريد أن تكون أفضل.
كتابة: رشا طلعت (القاهرة)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق